بسم الله الرحمن الرحیم

استدامة النیة

فهرست علوم
فهرست فقه
النیة شرط او شطر؟-ایجاد شده توسط: حسن خ
قصد قربت در عبادات-ایجاد شده توسط: حسن خ
اشتراط تعیین در نیت -ایجاد شده توسط: حسن خ



المبسوط، ج 1، ص 102
و استدامة حكم النية واجبة و استدامتها معناه أن لا ينقض نيته و لا يعزم على الخروج من الصلاة قبل إتمامها و لا على فعل ينافي الصلاة فمتى فعل العزم على ما ينافي الصلاة من حدث أو كلام أو فعل خارج عنها و لم يفعل شيئا من ذلك فقد أثم و لم تبطل صلوته لأنه لا دليل على ذلك،


**************
موسوعة الشهید الاول، ج 6، ص 21
دلالة الكتاب والأخبار على النيّة - مع أنّها مركوزة في قلب كلّ‌ عاقلٍ‌ يقصد إلى فعلٍ‌ - أغنى الأوّلين عن ذكر نيّات العبادات وتعلّمها، حتّى أنّ‌ الأخبار خالية عن تشخّص نيّةٍ‌، إلّاما سنذكر في الحجّ‌ والعتق إن شاء الله. لكن قال في التهذيب في تأويل خبر إعادة الوضوء بترك التسمية: إنّ‌ المراد بها النيّة . وفي الخلاف و المختلف نقل الإجماع على وجوبها . وفي المعتبر أسنده إلى الثلاثة وابن الجنيد، وقال: لم أعرف لقدمائنا فيه نصّاً على التعيين . ولم يحتجّ‌ في الخلاف بغير الأخبار العامّة في النيّة ، ومن ثَمَّ‌ لم يذكرها قدماء الأصحاب في مصنّفاتهم، كالصدوقين.

موسوعة الشهید الاول، ج 6، ص 22
والجعفي قال: لا عمل إلّابنيّةٍ‌، ولا بأس إن تقدّمت النيّة العمل أو كانت معه. وابن الجنيد عطف على المستحبّ‌ قوله: وأن يعتقد عند إرادة طهارته أ نّه يؤدّي فرض الله فيها لصلاته - قال: - ولو عزبت النيّة عنه قبل ابتداء الطهارة ثمّ‌ اعتقد ذلك وهو في عملها، أجزأه ذلك. وهذان القولان مع غرابتهما مشكلان؛ لأنّ‌ المتقدّمة عزم لا نيّة، والواقعة في الأثناء أشكل؛ لخلوّ بعضه عن نيّةٍ‌، وحمله على الصوم قياس محض، مع الفرق بأ نّ‌ ماهيّة الصوم واحدة، بخلاف الوضوء المتعدّد الأفعال، واستحبابها لا أعلمه قولاً لأحدٍ من علمائنا.


**************
رجال نجاشی، ص 374
1022 محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان أبو الفضل الجعفي الكوفي المعروف بالصابوني ، سكن مصر، كان زيديا ثم عاد إلينا، و كانت (كان) له منزلة بمصر . له كتب، منها: كتاب الفاخر، كتاب تفسير معاني القرآن و تسمية أصناف كلامه، كتاب التوحيد و الإيمان، كتاب مبتدأ الخلق، كتاب الطهارة، كتاب فرض الصلاة، كتاب صلاة التطوع، كتاب صلاة الجمعة، كتاب صلاة المسافر، كتاب صلاة الخوف، كتاب صلاة الكسوف، كتاب صلاة الاستسقاء، كتاب صلاة الغدير، كتاب صلاة الجنائز، كتاب الزكاة، كتاب الصيام،


شرح فروع الکافی، ج 1، ص 78 تعلیقه
(8) . الجعفي على الإطلاق عند الفقهاء هو محمّد بن أحمد بن إبراهيم أبو الفضل الجعفي الكوفي ثمّ‌ المصري ف، كان من قدماء أصحابنا الإماميّة ممّن أدرك الغيبتين، له كتب كثيرة في موضوعات شتّى، منها: الفاخر، تحبير الأحكام، التخيير، كتاب الشفعة، كتاب الحجّ‌، معاني القرآن، كتاب التوحيد و الإيمان، إلى غير ذلك. يروي عنه الشيخ و النجاشي بواسطتين، و ابن قولويه بلا واسطة، و معروف أيضاً بين الفقهاء ب‍ «صاحب الفاخر». راجع: الفهرست للشيخ الطوسي، ص 281، الرقم 901؛ الفوائد الرجاليّة للسيّد بحر العلوم، ج 3، ص 199؛ طرائف المقال للبروجردي، ج 1، ص 199؛ الكنى و الألقاب للمحدّث القمّي، ج 2، ص 401-402؛ الذريعة، ج 1، ص 121، الرقم 584؛ و ج 3، ص 375؛ و ج 4 ص 15، الرقم 42؛ و ج 6، ص 252، الرقم 1327؛ و....


**************
مشارق الشموس، ج 2، ص 26
و استدامة حكمها إلى آخره ، نذكر أوّلاً ما هو الظاهر عندنا في هذا الباب، ثمّ‌ نشتغل بذكر كلام القوم. اعلم أنّ‌ الحركات الصادرة عنّا بالاختيار إنّما يصدر بعد تصوّر الفعل و الغاية، و الضرورة قاضية بأنّ‌ كثيراً ما نغفل في أثناء الحركة عنهما و مع ذلك تصدر تلك الحركة، و لا حاجة لنا هيهنا إلى بيان كيفية الصدور و أنّه كيف يصدر الأمر الغير القادر عن الأمر الثابت، لأنّ‌ موضعه في الحكمة، و لا مدخل لتحقيقه في هذا المقام. و ظاهر أيضاً أنّ‌ الحركة التي تصدر بعد حصول الشوق و الإرادة المسمّاة بالإجماع الناشئين من تصوّر النفع و الغرض لتلك الحركة إنّما يطلق عليها في العرف أنّها صادرة بالإرادة لتلك الغرض و النفع و إن ذهل المتحرك في أثنائها عن تصوّر الفعل و النفع، لكن يكون بحيث لو رجع إلى نفسه لاستشعر به، ما لم تحدث

مشارق الشموس، ج 2، ص 27
له إرادة أخرى لإصدار تلك الحركة ناشئة من تصوّر نفع و غرض آخر؛ و إذا تمهّد هذا فنقول: غاية ما ثبت// (93) سابقاً أنّه: لا بدّ في الوضوء من تصوّره ممتازاً عمّا عداه، و أن يكون الغرض منه امتثال أمر اللّٰه و طلب مرضاته، فإذا تصورنا الوضوء بالوجه الممتاز، و تصورنا أيضاً النفع الحاصل منه من الامتثال و قربه تعالى، و انبعث من ذلك إرادة محركة للأعضاء، فعلى المقدمة السابقة إنّما يصدق على ذلك الوضوء في العرف أنّه صادر بالإرادة لغرض الامتثال و القربة و إن ذهلنا في أثنائه عن تصوره و الغرض منه ما لم يحدث في الأثناء إرادة محركة للأعضاء للإتيان ببعض أفعاله ناشئة من غرض آخر فيلزم أن يكون ذلك الوضوء صحيحاً مخرجاً عن العهدة، لما علمت من عدم لزوم شيء آخر على المكلّف سواه. فظهر بما ذكرنا أنّ‌ القدر الواجب إنّما هو عدم إرادة مخالفة للإرادة الأولي، فيجب أن تفسّر الاستدامة الحكمية به.
و اعلم أنّه على هذا يرد إشكال على قولهم بوجوب مقارنة النية لأوّل الوضوء، إذ كما يجوز صدور الفعل بالإرادة لغرض مع الذهول في أثنائه عن تصور الفعل و الغرض مفصّلاً، فكذلك يمكن صدوره أيضاً بالإرادة لغرض مع الذهول عنهما مفصّلاً في ابتداء الفعل أيضاً، إذا تصوّر الفعل و الغرض في زمان سابق عليه و صار ذلك باعثاً على صدور الفعل في هذا الزمان، و الضرورة حاكمة أيضاً بوقوع هذا الغرض عند ملاحظة حال الأفعال. فحينئذٍ يجوز أن يصدر الوضوء لغرض الامتثال و القربة باعتبار تصوره

مشارق الشموس، ج 2، ص 28
و تصور ذلك الغرض في الزمان السابق، فيلزم أن يكون ذلك الوضوء أيضاً صحيحاً، لما عرفت من عدم لزوم شيء على المكلّف زائداً على هذا المعنى، فيبطل القول المذكور. اللهمّ‌ إلاّ أن يتمسكوا بالإجماع على وجوب المقارنة، لكنّ‌ الظاهر أنّ‌ إثبات الإجماع مشكل، إذ لم ينقل من القدماء شيء في أمر النية، و ثبوت الإجماع من المتأخرين بحيث يظن دخول المعصوم (عليه السلام) ممّا لا سبيل إليه. مع أنّ‌ المصنف (ره) في الذكرى نقل عن الجعفي أنّه قال: «لا عمل إلاّ بنية، و لا بأس أن تقدّمت النيّة العمل أو كانت معه»، لكنّ‌ الأولى الأخذ بما هو المشهور و الوقوف عليه، احتياطاً للدين. و بهذا ظهر أيضاً وجه ما اخترناه من جواز تقديم النية عند غسل اليدين، لأنّ‌ ما يمكن أن يتمسك به على عدم جواز التقديم على الوضوء إمّا الإجماع أو الشهرة، و هما مفقودان في هذا التقديم.
هذا، و القوم إنّما ذكروا في تفسير الاستدامة الحكمية معنيين: أحدهما: ما ذكرنا، و هو المذكور في المبسوط، و المعتبر، و المنتهي. و استدل عليه في المعتبر و المنتهى بأنّ‌ استدامة النية فعلاً ممّا يعسر أو يتعذر في الأكثر، فاقتصر على استدامة الحكم مراعاة لليسر، و استحب في المنتهي

مشارق الشموس، ج 2، ص 29
الاستدامة الفعلية، ليقع جميع الأفعال مقترنة بالنية. و الأولى في الاستدلال على الاكتفاء بالاستدامة الحكمية ما ذكرناه، لأنّ‌ هذا الدليل ربّما يعترض عليه بأنّ‌ عدم إمكان الاستدامة الفعلية لا يستلزم الاكتفاء بالحكمية، بل يجب مراعاة الفعلية مهما أمكن، فلمّا لم يمكن سقط، و أمّا عدم مراعاتها بالكلية فلا، إلاّ بدليل. و أيضاً: لا وجه لقولهم: إنّ‌ الاستدامة الفعلية لمّا لم يمكن اقتصر على الحكمية، لأنّ‌ هذا إنّما يحسن إذا دلّ‌ دليل على وجوب الاستدامة الفعلية و لا دليل عليه. و ما استدلوا به على وجوب النية من قوله (عليه السلام) إنّما الأعمال بالنيات ، و نحوه ممّا تقدم لا يدل على وجوب الاستدامة الفعلية أصلاً، كما لا يخفى.
و ثانيهما: البقاء على حكم النية و العزم على مقتضاها، و هذا هو الذي اختاره المصنف في الذكرى، و استدل عليه أيضاً بالدليل المذكور آنفاً، و يرد عليه أيضاً الإيرادان المذكوران. و أورد أيضاً على المعنى الثاني: أنّه بعينه الاستدامة الفعلية التي نفاها المصنف (ره) بل نفس النية، إذ هي عبارة عن العزم المخصوص. و يمكن أن يجاب بالفرق بينهما بالإجمال و التفصيل، فإنّ‌ الاستدامة الفعلية هي أن يستحضر النية مفصّلة كما هي في الابتداءِ‌ إلى آخر الفعل، و الحكمية بهذا المعنى

مشارق الشموس، ج 2، ص 30
أن يستحضر مجملة. و أورد أيضاً: أنّ‌ ذلك مقتض لبطلان عبادة الذاهل عن العزم المذكور في أثناء العبادة، و هو باطل قطعاً. و يمكن أن يقال أيضاً: إنّ‌ المراد كما عرفت من العزم على مقتضى النيّة: استحضارها و حصولها في النفس مجملة، و لا نسلم أنّه ممّا ينتفي ما لم يحدث نية، و إرادة أخرى منافية للأولى. و الحاصل: أنّ‌ المعنيين متلازمان، لكنّ‌ القائل بالمعنى الثاني كالمصنف (ره) كأنّه زعم أنّ‌ بعد ما حصل الغفلة عن تصور الفعل و الغرض منه تفصيلاً فكأنّما يبقى في النفس أمر إجمالي من التفصيل السابق هو المحرك و الباعث للفعل إلى أن ينتهي الحركة و إن لم يكن لنا شعور به، كما في اللعب باللحية و نحوه ، فإنّ‌ له سبباً البتة مع عدم علمنا به، و لا يخفى أنّه لا دليل على بطلان ما زعمه، بل لا يبعد ادعاء الظهور في أنّ‌ الأمر كذلك. ثمّ‌ إنّ‌ المصنف (ره) ذكر أنّ‌ بناء التفسيرين على أنّ‌ الباقي مستغن عن المؤثر أم لا؟ فالتفسير الأوّل بناءً‌ على الأوّل و الثاني على الثاني، و الظاهر أنّ‌ مراده (ره) بالباقي هيهنا الوضوء و بالمؤثر النية. فيكون حاصل كلامه: أنّ‌ الباقي إن لم يكن محتاجاً إلى المؤثر فالوضوء بعد حدوثه بالنيّة لا يحتاج في بقائه إلى بقاء النية، فيكون باقياً إلى وقت حدوث مؤثر

مشارق الشموس، ج 2، ص 31
آخر و نيّة أخرى بدون بقاء النيّة الأولى. فعلى هذا تفسّر الاستدامة الحكمية بأن لا ينوى نية مخالفة للأولى، إذ على هذا لا جزم ببقاء النية الأولى حتّى يفسّر الاستدامة به، و إن كان محتاجاً إلى المؤثر فحينئذٍ فالجزم ببقاء النية الأولى حاصل، فلذا يفسّر الاستدامة به. و اعترض عليه صاحب المدارك، بأنّ‌ هذا البناء غير مستقيم، لأنّ‌ أسباب الشرع علامات و معرفات لا علل حقيقية، فيمكن القول بعدم استغناء الباقي عن المؤثر مع عدم اشتراط الاستدامة، فضلاً عن الاكتفاء بالحكمية. و أنت خبير بما قدمنا أنّ‌ النية ليست من الأسباب الشرعية للوضوء حتّى يقال: إنّها من قبيل العلامات و المعرفات بل من الأسباب العقلية، فاندفع ما أورده. نعم، يرد على المصنف أنّه خلط الحدوث التدريجي بالبقاء، و كأنّه لإطلاق البقاء على الحدوث التدريجي أيضاً في العرف، لكنّه (لل‍) المعنى الذي في معرض النزاع، فزعم أنّ‌ بعد حدوث النية يحدث الوضوء و يبقى إلى الآخر، و ليس كذلك بل إنّما يحدث// (94) شيئاً فشيئاً، و مثل هذا الباقي لا بدّ له من سبب إلى آخر وجوده على القولين، فلا يمكن أن يكون بناء كلام من فسّر التفسير الأوّل على عدم الاحتياج إلى السبب، بل إمّا بناؤه على أنّه لا يرى أنّ‌ السبب المستمر مع المسبب إنّما هو إجمال التفصيل السابق بل شيء آخر، أو يقال: إنّ‌ تفسيره هذا لا ينافي بقاء النيّة.

مشارق الشموس، ج 2، ص 32
نعم، لا يستلزمها و فرق بينهما، فحينئذٍ يجوز أن يعتقد بقاء النية مع تفسيره الاستدامة بهذا المعنى، لأنّه أظهر و أقرب إلى الفهم من المعنى الآخر. و اعترض الشهيد الثاني (ره) أيضاً في شرح الإرشاد على المصنف (ره) «بأنّ‌ ذلك البناء إنّما يتجه إن لو كانت النيّة بعد إحضارها يحصل منها أثر خارجي يستغني عن الموجد أو يحتاج إليه و ليست كذلك، بل عند غروبها عن القلب تلحق بالأعدام المفتقرة إلى المؤثر قطعاً، مع أنّ‌ اللازم من الاحتياج إلى المؤثر وجوب إحضار النيّة بجميع مشخصاتها لا العزم المذكور، فإنّه غير الموجود الأوّل و غير مستلزم له و إن دخل ضمناً، لكنّ‌ الدلالة التضمنية ملغاة في هذه الأحكام و نظائرها» انتهى. و كأنّه (ره) لم يحمل كلام المصنف على ما حملناه عليه و إلاّ فلا وجه لهذا الإيراد أصلاً، و المعنى الذي حمله عليه بعيد جدّاً. و يرد أيضاً على إيراده الأخير: أنّ‌ استلزام الاحتياج إلى المؤثر و وجوب إحضار النيّة بجميع مشخصاتها ممنوع، و إنّما يستلزم ذلك لو ثبت أنّ‌ العلّة المبقية يجب أن تكون بعينها هي العلة الموجدة و هي في محل المنع.


****************
الحدائق الناضرة، ج 2، ص 185
(المقام السابع) - [وجوب استدامة النية إلى الفراغ] قد صرح غير واحد من أصحابنا (رضوان اللّٰه عليهم) بان من جملة واجبات النية استدامتها حكما إلى الفراغ، و وجهه انه لما كانت النية عبارة عن القصد إلى إيقاع الفعل بعد تصوره و تصور غايته الباعثة على الإتيان به، و انه بعد التلبس بالفعل على الوجه المذكور كثيرا ما تحصل الغفلة و يحصل السهو و النسيان الذي هو كالطبيعة الثانية للإنسان عن ذلك القصد و التصور المذكورين مع الاستمرار على الفعل لكن يكون بحيث لو رجع إلى نفسه لاستشعر ما قصده و تصوره أولا، اقتضت الحكمة الربانية و الشريعة السمحة المحمدية الجري على مقتضى النية السابقة ما لم يعرض هناك قصد أخر ناشىء عن غاية أخرى باعثة عليه مرتبا للفعل عليها، فان الفعل حينئذ يخرج بذلك عما هو عليه أولا، لما عرفت من دوران المغايرة بين الأفعال مدار القصود و النيات. و لك ان تقول - كما حققه بعض المحققين من متأخري المتأخرين - انه لما كانت النية عبارة عن القصد إلى الفعل بعد تصور الداعي له و الحامل عليه، و الضرورة قاضية - كما نجده في سائر أفعالنا - بأنه قد يعرض لنا مع الاشتغال بالفعل الغفلة عن ذلك القصد و الداعي في أثناء الفعل، بحيث انا لو رجعنا إلى وجداننا لرأينا النفس باقية على ذلك القصد الأول، و مع ذلك لا نحكم على أنفسنا و لا يحكم علينا غيرنا بان ما فعلناه وقت الذهول و الغفلة بغير قصد و نية، بل من المعلوم أنه أثر ذلك القصد و الداعي السابقين، كان الحكم في العبادة كذلك، إذ ليست العبادة إلا كغيرها من الأفعال الاختيارية للمكلف، و النية ليست إلا عبارة عما ذكرنا. ثم قال (قدس سره): «انه كما يجوز صدور الفعل بالإرادة لغرض مع الذهول في أثنائه عن تصور الفعل و الغرض مفصلا، فكذلك يمكن صدوره بالإرادة لغرض مع الذهول عنها مفصلا في ابتداء الفعل أيضا، إذا تصور الفعل و الغرض في زمان سابق

الحدائق الناضرة، ج 2، ص 186
عليه، و كان ذلك باعثا على صدور الفعل في هذا الزمان، و الضرورة حاكمة أيضا بوقوع هذا الفرض عند ملاحظة حال الأفعال، فحينئذ يجوز ان يصدر الوضوء لغرض الامتثال و القربة باعتبار تصوره و تصور ذلك الغرض في الزمان السابق، فيلزم أن يكون ذلك الوضوء صحيحا أيضا، لما عرفت من عدم لزوم شيء على المكلف زائدا على هذا المعنى، فبطل القول بمقارنة النية لأول الأفعال» انتهى. و هو جيد رشيق، و فيه تأكيد اكيد لما قدمناه في المقام الثاني من التحقيق. و بالجملة فتجدد الذهول - بعد قصد الفعل أولا و تصور داعيه الباعث عليه - لا يخرج تلك الأفعال الواقعة حال الذهول عن كونها بذلك القصد السابق. نعم لو كان أصل الدخول في الفعل بغير قصد بالكلية سهوا و غفلة فهذا هو الذي لا يعتد به اتفاقا، لما عرفت غير مرة من ان الفعل من حيث هو لا ينصرف إلى مادة و لا يحمل على فرد إلا بالقصد اليه.

































فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است