دستخط آیت الله بهجت
س: رؤية الهلال مع الآلات القويّة جدًّا.
ج: بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة على سيّد الأنبياء وآله الطاهرين سادة الاوصياء الأكملين.
و بعد يمكن أن يقال: إنّ موضوع الأحكام من الصيام و الإفطار و زكاة الفطرة إذا كان برؤية الهلال فتلك كسائر موضوعات الأحكام دائرة مدار الصدق في العرف ولا فرق فيها بين ذات الآلة الخاصّة و غيرها و لذا لا ينبغي الإشكال فيما لو كان بصر الشخص ضعيفًا عن السالم المتعارف فلُبس المنظرة بنحو يرجع إلى المتعارف من الإبصار، فإنّ الرؤية حينئذ حجّة له و لمن يعلم عدالته و وثاقته و فهمه مع واحد مثله في تلك الأحكام، فلو رآه لابس المنظرة في المحلّ الذي لو رآه شخص بلا آلة فيه كان كافيًا في تحقّق الموضوع و إن لم يره أحد بلا تلك الآلة فمثل ما دلّ على أنّه لو رآه واحد لرآه خمسون يراد به مع تكافؤ الكلّ في أخذ السلاح و عدمه و في قوّة البصر و ضعفه.
نعم لابدّ من الوثوق و العدالة و الفهم لا فيما ادّعى رؤية الهلال ليلة يوم الشكّ في درجات مرتفعة عن الأفق جدًّا لا يحتمل عاقل رؤية الهلال فيها عاليًا بلا تطوّق و حيث إنّ ما دلّ على أنّ الاعتبار بالرؤية من أدلة الاستصحاب و لذا قوبلت الرؤية في الرواية بالتظنّي فقال فرض الله لا يكون بالتظنّي صُم للرؤية و أفطر للرؤية؛ يعني صُم لليقين و أفطر لليقين، فمع العلم بدخول الشهر اللاحق لا يبقى على الحالة السابقة و لو بسبب مُضيّ ثلاثين عن الشهر الثابت سابقًا فعدم الرؤية فعلًا مع عدم الغيم و الغبار لا عبرة به للعالم و إن كان الفرض بعيدًا يعني عدم الرؤية مع الفرض المذكور في طول هذه المسافة الطولية في طول البلاد بلا آلة أو معها للمستهلّ. نعم، مع عدم هذه الرؤية التقديرية و عدم العلم المذكور وعدم اخبار العدول الموثقين يبقى على استصحاب عدم دخول الشهر اللاحق. و الله العالم بحقائق الأحكام.