صحيحة منه؟ أو هل يوجد من بين من المؤرخين الصحيح فيه والمكذوب؟]ـ
[الجواب]
الحمد لله
كتاب الإمامة والسياسة لا يصح نسبته لابن قتيبة رحمه الله، وقد بين ذلك عدد من الباحثين وساقوا أدلة ظاهرة على ذلك.
قال الشيخ الدكتور علي نفيع العلياني حفظه الله في كتابه "عقيدة الإمام بن قتيبة" عن كتاب الإمامة والسياسة: " وبعد قراءتي لكتاب الإمامة والسياسة قراءة فاحصة ترجح عندي أن مؤلف الإمامة والسياسة رافضي خبيث , أراد إدماج هذا الكتاب في كتب ابن قتيبة نظرا لكثرتها ونظرا لكونه معروفا عند الناس بانتصاره لأهل الحديث , وقد يكون من رافضة المغرب , فإن ابن قتيبة له سمعة حسنة في المغرب , ومما يرجح أن مؤلف الإمامة والسياسة من الروافض ما يلي:
* أن مؤلف الإمامة والسياسة ذكر على لسان علي رضي الله عنه أنه قال للمهاجرين: (الله الله يا معشر المهاجرين لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم , ولا تدفعوا أهله مقامه في الناس وحقه , فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به لأنا أهل البيت , ونحن أحق بهذا الأمر منكم.. والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله) . ولا أحد يرى أن الخلافة وراثية لأهل البيت إلا الشيعة.
* أن مؤلف الإمامة والسياسة قدح في صحابة رسول الله قدحا عظيما فصور ابن عمر رضي الله عنه جبانا , وسعد بن أبي وقاص حسودا , وذكر محمد بن مسلمة غضب على علي بن أبي طالب لأنه قتل مرحبا اليهودي بخيبر , وأن عائشة رضي الله عنها أمرت بقتل عثمان. والقدح في الصحابة من أظهر خصائص الرافضة , وإن شاركهم الخوارج , إلا أن الخوارج لا يقدحون في عموم الصحابة.
* أن مؤلف الإمامة والسياسة يذكر أن المختار بن أبي عبيد قتل من قبل مصعب بن الزبير لكونه دعا إلى آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر خرافاته وادعاءه الوحي , والرافضة هم الذين يحبون المختار بن أبي عبيد لكونه انتقم من قتلة الحسين , مع العلم أن ابن قتيبة رحمه الله ذكر المختار من الخارجين على السلطان وبين أنه كان يدعي أن جبريل يأتيه.
* أن مؤلف الإمامة والسياسة كتب عن خلافة الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان خمسا وعشرين صفحة فقط , وكتب عن الفتنة التي وقعت بين الصحابة مائتي صفحة , فقام المؤلف باختصار التاريخ الناصع المشرق وسود الصحائف بتاريخ زائف لم يثبت منه إلا القليل , وهذه من أخلاق الروافض المعهودة , نعوذ بالله من الضلال والخذلان " انتهى.
وقال الشيخ مشهور حسن سلمان في كتابه "كتب حذر منها العلماء" (2/298-301) : " الإمامة والسياسة: كتاب مكذوب على ابن قتيبة ـ رحمه الله تعالى ـ، وعلى الرغم من ذلك؛ فهو مصدر هام عند كثير من المؤرخين المعاصرين، ويجب التعامل مع هذا الكتاب بحذر شديد؛ إذ حوى مغالطات كثيرة، ولذا؛ شكك ابن العربي من نسبة جميع ما فيه لابن قتيبة.
والأدلة على عدم صحة نسبة هذا الكتاب لابن قتيبة كثيرة. منها:
1. أن الذين ترجموا لابن قتيبة لم يذكروا هذا الكتاب بين ما ذكروه له، اللهم إلا القاضي أبا عبد الله التوزي المعروف بابن الشباط، فقد نقل عنه في الفصل الثاني من الباب الرابع والثلاثين من كتابه (صلة السمط) .
2. أن الكتاب يذكر أن مؤلفه كان بدمشق. وابن قتيبة لم يخرج من بغداد إلا إلى دينور.
3. أن الكتاب يروى عن أبي ليلى، وأبو ليلى كان قاضيا بالكوفة سنة (148هـ) أي قبل مولد ابن قتيبة بخمس وستين سنة.
4. أن المؤلف نقل خبر فتح الأندلس عن امرأة شهدته، وفتح الأندلس كان قبل مولد ابن قتيبة بنحو مائة وعشرين سنة.
5. أن مؤلف الكتاب يذكر فتح موسى بن نصير لمراكش، مع أن هذه المدينة شيدها يوسف بن تاشفين سلطان المرابطين سنة (455هـ) وابن قتيبة توفي سنة (276هـ) .
6. أن هذا الكتاب مشحون بالجهل والغباوة والركة والكذب والتزوير؛ ففيه أبو العباس والسفاح شخصيتان مختلفتان، وهارون الرشيد هو الخلف المباشر للمهدي، وأن الرشيد أسند ولاية العهد للمأمون، وهذه الأخطاء يتجنبها صغار المؤرخين، فضلا عمن هو مثل ابن قتيبة الذي قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: (…. وكان أهل المغرب يعظمونه ويقولون: من استجاز الوقيعة فيه يتهم بالزندقة، ويقولون: كل بيت ليس فيه شيء من تصنيفه لا خير فيه) .
7. أن مؤلف (الإمامة والسياسة) يروي كثيرا عن اثنين من كبار علماء مصر، وابن قتيبة لم يدخل مصر ولا أخذ من هذين العالمين؛ فدل هذا على أن الكتاب مدسوس عليه.
وقد جزم بوضع الكتاب على ابن قتيبة غير واحد من الباحثين، من أشهرهم:
1- محب الدين الخطيب في مقدمة كتاب ابن قتيبة (الميسر والقداح) ص 26-27.
2- ثروت عكاشة في مقدمة كتاب ابن قتيبة (المعارف) ص 56.
3- عبد الله عسيلان في سالة صغيرة مطبوعة بعنوان (كتاب الإمامة والسياسة في ميزان التحقيق العلمي) ، ساق فيها اثني عشر دليلا على بطلان نسبة هذا الكتاب لابن قتيبة.
4- عبد الحميد عويس في كتابه (بنو أمية بين الضربات الخارجية والانهيار الداخلي) ص 9-10.
5- سيد إسماعيل الكاشف في كتابه (مصادر التاريخ الإسلامي) ص33.
6- وقد قدمت في الجامعة الأردنية كلية الآداب عام 1978م رسالة ماجستير عنوانها (الإمامة والسياسة دراسة وتحقيق) ، قال الباحث فيها: وعلى ضوء هذه الدراسة؛ فقد تبين أن ابن قتيبة الدينوري بعيد عن كتاب (الإمامة والسياسة) ، وبنفس الوقت؛ فإنه لم يكن بالإمكان معرفة مؤلف الكتاب، مع تحديد فترة وفاته بحوالي أواسط القرن الثالث الهجري، 7- وقد جزم ببطلان نسبة هذا الكتاب لابن قتيبة أيضا السيد أحمد صقر في مقدمة تحقيقه لـ (تأويل مشكل القرآن) ص32؛ فقال: (كتاب مشهور شهرة بطلان نسبته إليه) ، ثم قال بعد أن ساق بعض الأدلة الآنفة الذكر: (إن هذا وحده يدفع نسبة الكتاب إلى ابن قتيبة، فضلا عن قرائن وأدلة أخرى كلها يثبت تزوير هذه النسبة) . وإلى هذا ذهب الحسيني في رسالته (ص77-78) ، والجندي في كتابه عن ابن قتيبة (169-173) ، وفاروق حمادة في (مصادر السيرة النبوية) ص91، وشاكر مصطفى في (التاريخ العربي والمؤرخون) (1/241-242) ، والله الموفق " انتهى.
وإذا كان الكتاب لا يعرف مؤلفه، وفيه من الانحراف والضلال ما مر عليك، فلا وزن له ولا قيمة، وفي كتب التاريخ المعروفة غنية وكفاية.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (105660) .
والله أعلم.
[المصدر]
الإسلام سؤال وجواب
الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم، ج3، ص: 10
نويسنده: عاملى نباطى، على من محمد بن على بن محمد بن يونس--وفات 877 ق
و منها أن عمر و أصحابه أخذوا عليا أسيرا إلى البيعة
و هذا لا ينكره عالم من الشيعة و قد أورد ابن قتيبة و هو أكبر شيوخ القدرية في المجلد الأول في كتاب السياسة «4» قوله له حين قال إن لم أبايع نضرب عنقك فأتى قبر النبي باكيا قائلا يا ابن أم إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني و هذا فيه غاية الأذى للنبي ص لما رواه ابن حنبل عنه ص من آذى عليا فقد آذاني و قد عيره معاوية به في قوله كنت بالأمس تنقاد كالجمل المخشوش أي في أنفه خشاش أجاب ما ذا على المسلم من غضاضة ما لم يكن شاكا في دينه
و روى البلاذري أن عليا قال لعمر احلب حلبا لك شطره اشدده له اليوم يرد عليك غدا «1»
الصوارم المهرقة في نقد الصواعق المحرقة (لابن حجر الهيثمي)، الصوارمالمهرقة، ص: 105
شوشترى، نور الله بن شريف الدين--وفات 1019 ق
... و قال ابن قتيبة في كتاب السياسة و الإمامة لما قال طلحة لعائشة قد بويع علي ع فقال ما لعلي يتولى على رقابنا لا أدخل المدينة و لعلي فيها سلطان و رجعت قال و لما أتى عائشة خبر أهل الشام أنهم ردوا بيعة علي ع و أبوا أن يبايعوه أمرت فعمل لها هودج من حديد و جعل فيها موضع لعينها ثم خرجت ....
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج29، ص: 622
و في كتاب الإمامة و السياسة لابن قتيبة «1»: فإن قريشا قد اجتمعت على حرب أخيك اجتماعها على حرب «2» رسول الله صلى الله عليه [و آله] «3» قبل اليوم..
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج29، ص: 626
و روى ابن قتيبة- و هو من أعاظم رواة المخالفين- في كتاب الإمامة و السياسة «3»
أن عليا عليه السلام أتي به أبو بكر «4» و هو يقول: أنا عبد الله و أخو رسوله! فقيل له: بايع أبا بكر، فقال: أنا أحق بهذا الأمر
ترجمه السیاسة در نرم افزار نور السیرة
نام كتاب: الإمامة و السياسة/ترجمه
نام مؤلف: م. ناصر طباطبايى
موضوع: تاريخ عمومى
زبان: فارسى
قرن: معاصر
مشخصات نشر: امامت و سياست (تاريخ خلفاء)، ابن قتيبة دينوري (276)، ترجمه سيد ناصر طباطبايى، تهران، ققنوس، 1380ش.
مقدمه علی شیری بر السیاسة:
الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري، تحقيق الشيري (1/ 1)
الامامة والسياسة
ابن قتيبة الدينوري، تحقيق الشيري ج 1
---
[ 1 ]
الامامة والسياسة المعروف بتاريخ الخلفاء
---
[ 2 ]
هوية الكتاب الكتاب: الامامة والسياسة المؤلف: ابن قتيبة الدينوري الناشر: انتشارات الشريف الرضي عدد الصفحات: 552 صفحة وزيرى عدد المطبوع: 1500 نسخة سنة الطبع: 1371 - 1413 الطبعة: الاولى في ايران المطبعة: امير - قم السعر: 5500 ريال
---
[ 3 ]
الامامة والسياسة المعروف بتاريخ الخلفاء 1 - 2 الامام الفقيه ابى محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينورى " المولود سنة 213 ه والمتوفى سنة 276 ه رحمه الله " تحقيق الاستاذ علي شيري ماجستير في التاريخ الاسلامي الجزء الاول
---
[ 4 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
---
[ 5 ]
كلمة الناشر كتاب " الامامة والسياسية " يعتبر من المصادر الاساسية التي تناولت مسألة الخلافة وتتبعت أحداثها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مرورا بالعهد الاموي إلى العصر العباسي الثاني. في ثنايا هذا الكتاب اهتمام خاص بالحجاز، وخاصة بالمدينة وبأوضاعها الاقتصادية وانعكاساتها على الاوضاع الاجتماعية فيها والتي كانت أزمتها أحد أسباب النقمة المدينية الانصارية على النظام الاموي. وفي الكتاب أيضا اهتمام خاص بالفتوحات الاسلامية للمغرب والاندلس قل ما ذكرت باهتمام في غيره. هذا الكتاب رغم أهميته لم يلق الاهتمام، بل جاءت طبعاته المختلفة فقيرة من حيث الاهتمام بالمضمون وتقديم الكتاب للقارئ بشكل أفضل. وبقي مهملا إلى أن قررت مؤسستنا " دار الاضواء " نفض الغبار عنه والاعتناء به ماديا وأدبيا. فعملت على تحقيقه بشكل علمي مدروس ووضع فهارس شاملة اعتنت بكل أبوابه وما تطرق إليه. ووفرت له الامكانيات المادية والتقنية ليكون أفضل من حيث الطباعة: حرفا وورقا وتجليدا فنيا. ونحن نفخر أن نقدم هذا الكتاب القيم بهذه الحلة الجديدة بجزأيه يهمنا أن نؤكد أننا بصدد الاهتمام بأمهات كتب التراث الاسلامي وقد باشرنا في بداية هذا العام 1990 بإعداد نماذج هامة منها يقوم رجال الاختصاص بدراستها
---
[ 6 ]
وتحقيقها. ونعد بنشرها - خلال برنامجنا هذا - تباعا بعد أن وفرنا لها جميع الطاقات البشرية المتخصصة، والامكانيات المادية والتقنية والفنية. ونحن - بإذن الله تعالى - أقدمنا دون تردد لنكون إلى جانب من يعملون لخدمة تراثنا الانساني، بل نطمح إلى أن نكون في طليعة هؤلاء. وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين. الناشر
---
[ 7 ]
مقدمة التحقيق كلمة عن الكتاب: كتاب الامامة والسياسة، أو ما يسمى بكتاب " تاريخ الخلفاء " كتاب مشهور يبحث في تاريخ الخلافة وشروطها بالنظر إلى طلابها من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عهد الامين والمأمون. وتظهر أهمية وقيمة هذا الكتاب " الامامة والسياسة " كما يقول د. بيضون في مقدمة كتابه الحجاز والدولة الاسلامية: " في الاشارات ذات المحتوى الخاص، الذي ينفرد به عن الآخرين - تتجاوز أهميته من الناحية المنهجية، وذلك لخلوه من الاسناد، حيث تتردد عبارة " وذكروا " في مطلع رواياته، دون تحديد مصدرها الاساسي. وتبرز أيضا أهميته في إبرازه ثورة المدينة ومعركة الحرة، من دون تطرق في موقفه من الامويين ومن غير تحمس لخصومهم الشيعة. وأهم من ذلك فإن رواياته الحجازية - على ما يقرره د. بيضون - على جانب من الاهمية خاصة في عرضه للدوافع التي كانت وراء تعاظم النقمة على البيت الاموي، في أعقاب الازمة الاقتصادية التي يبدو أنها استفحلت حينذاك في الحجاز والمدينة بشكل خاص ". وقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات في كل من مصر وبيروت، ومنه نسخ
---
[ 8 ]
خطية في مكاتب لندن وباريس، وبدار الكتب المصرية منه نسخة مخطوطة كتبت سنة 1297 ه. وقد ظهر مؤخرا عدم اتفاق على اسم مؤلف هذا الكتاب، بعد أن شكك كثير من العلماء في نسبته إلى ابن قتيبة، وحيث أن بعضهم استبعد انتسابه إليه. وكان أول من تزعم التشكيك بنسبته إلى ابن قتيبة المستشرق غانيغوس المجريطي ثم تبعه الدكتور دوزي في صدر كتابه تاريخ الاندلس وآدابه. ويشير د. بيضون في صدر كتابه المتقدم أيضا إلى استبعاد انتسابه إلى ابن قتيبة، أيضا السيد أحمد صقر في مقدمته لكتاب تأويل مشكل القرآن المطبوع بالقاهرة سنة 1973 حيث يقول: وقد نسب إلى ابن قتيبة كتاب مشهور شهرة بطلان نسبته إليه، وهو كتاب الامامة والسياسة. وقد استندد. دوزي في تشكيكه في نسبة كتاب الامامة والسياسة إلى ابن قتيبة إلى أسباب عديدة أهمها: - أن كثيرين ممن ترجموا لابن قتيبة لم ينسب إليه واحد منهم كتابا أو مؤلفا له بهذا العنوان. إلا القاضي أبو عبد الله التوزي المعروف بابن الشباط في كتابه " صلة السمط ". - أن مؤلف الكتاب الامامة والسياسة يذكر أنه استمد معارفه من أناس حضروا فتح الاندلس في سنة 92 ه، وأن موسى بن نصير غزا مدينة مراكش في زمن الرشيد، مع أن ابن قتيبة، ولد في سنة 213 ومات في سنة 276. ولم تبن مدينة مراكش إلا في سنة 454 في عهد سلطان المرابطين يوسف بن تاشفين. - أسلوب الكتاب يختلف كثيرا عن أسلوب ابن قتيبة المعروف في كتبه. - لم يرد ذكر في الكتاب لاي من شيوخ ابن قتيبة. ومهما يكن من أمر فقد بقي كتاب الامامة والسياسة محافظا على قيمته كأحد أبرز المصادر بما تضمن من نصوص يكاد يتفرد بها عن غيره من المصادر، مع الاشارة إلى أن هذا التشكيك الذي أصاب نسبته إلى ابن قتيبة قد أبعده عن لائحة المصادر الرصينة.
---
[ 9 ]
وليس لنا إلا أن نسجل بتقدير آراء هؤلاء العلماء دون الجزم بصحة ما ذهبوا إليه ونبقى مترددين باتخاذ موقف حاسم من هذه القضية المطروحة - والتي لم أقف فيما لدي من مصادر ومراجع على رأي قاطع بشأنها، ويبقى كتاب الامامة والسياسة منسوبا لابن قتيبة إلى أن يثبت بشكل حاسم العكس. فكتاب الامامة والسياسة لابن قتيبة - رغم الشك بهذه النسبة - يبقى إذن مشهورا بتسجيله لحقبة تاريخية هامة بدأت مع وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مع التركيز على العهد الاموي - دون التحامل عليهم - إلى قيام الدولة العباسية حتى الامين والمأمون. عصر ابن قتيبة: 1 - الحالة السياسية: عاش أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في عصر بني العباس، في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، ولد في عهد المأمون، أيام كانت الدولة العباسية وهي في أوج مجدها وازدهارها، قد امتدت سيطرتها شرقا وغربا. وقد واجهت سلطة المأمون سلسلة من الفتن والاضطرابات والحروب الاهلية، وقد تعرضت دولة المأمون لضربات محكمة من قبل الطالبيين. وقد عالجها المأمون - جميعا - بالقوة حينا وبالحكمة والسياسة حينا آخر. حتى استتب له الامر. فاتجه إلى التنظيم الداخلي والبناء وأصبحت بغداد في عصره موئل العلماء والادباء ومجلى مظاهر الحضارة الزاهرة. وبعده جاء المعتصم، كان رجل حرب ولم يكن له دهاء المأمون ولا حكمته، وأدت سياسته إلى غلبة الاتراك على الجيش ثم على مراتب الدولة. فاضطربت الامور واختلت، ومهد ذلك للانحلال والضعف. وضعف مركز الخلافة وقلت هيبتها وتقلص نفوذها... ولم يستطع خلفاء المعتصم، رغم ما بذله المعتمد - حيث استعادت الخلافة في عهده بعض ما لها من نفوذ وسلطة -. ولكن الامور لم تستقر للدولة، بل أخذت الاطماع تتهددها من الداخل
---
[ 10 ]
والخارج، فكل ينتهز فرصته للنيل من الدولة، حيث أصبح الانحلال السياسي والاجتماعي العنوان البارز في مركز الدولة والاطراف. 2 - الحياة الاجتماعية: كان المجتمع البغدادي في عصر بني العباس يجمع خليطا من العناصر المختلفة والاجناس المتباينة ولم يكن العنصر العربي سائدا، مع احتفاظه لنفسه بمراكز القيادة والتوجيه بل كان يشاركه العنصر الفارسي ثم كانت المنافسة بين العنصرين والتي تحولت إلى صراع دموي كانت حصيلته انتصارا للعرب. وقد اتجه نشاط الاتراك إلى الجيش. إلى جانب هؤلاء كانت جماعات الرقيق والموالي. وكانت كل جماعة من الاجناس المختلفة تمتهن مهنة برعت فيها. وقد تزاوجت هذه الخبرات - خبرات هذه الاجناس - والتقت وامتزجت عادات وتقاليد هذه الاجناس وكونت نسيجا مميزا تلونت عناصره واتحدت في اتساق ونظام واحد جمع بينها الذوق الاسلامي. واشتهرت بغداد بالترف الزائد والغنى وزخرف الحضارة، وتغلغل هذا في حياة الناس. وعمرت بغداد بقصورها، ومجالس شرابها وحاناتها، وانتشر اللهو في الاعياد والمناسبات، وشرب الناس الخمر وأسرفوا فيها. 3 - الحياة الفكرة والادبية: أ - طلب العلم وحرية الرأي بدأ عصر ابن قتيبة بالمأمون، وكان محبا للعلم والادباء، وأطلق حرية القول، فقويت في هذا العصر حركة الشعوبية، وقد أدت هذه الحركة إلى نشاط فكري تجلى بمجموعة كبيرة من الكتب. ب - المعتزلة وأهل السنة اهتم المأمون كثيرا بالمناظرة بين العلماء في مسائل الدين والفلسفة وكان يجمعهم إليه. والمسألة الهامة التي شغلته وشغلتهم هي مسألة " خلق القرآن " وقد تركز حولها الخلاف بين المعتزلة وأهل السنة. وقد اعتنق المأمون آراء المعتزلة وانتصر لهم وتتبع أعداءهم وضيق عليهم ولجأ إلى أذيتهم.
---
[ 11 ]
وبعد المأمون استمر الخلاف، وظهر بصور أجلى إلى عهد المتوكل الذي أبطل قول المعتزلة ونصر أهل السنة وأمر الناس باتباعها وترك ما دونها. ج - العلوم الدينية نشطت في هذا العصر الدراسات الدينية المختلفة، وخاصة ما يتصل منها بأصول الدين والعقيدة، وقد أثرت حركة الترجمة - التي ازدهرت - وساعدت في ازدهار البحوث الدينية. ونشطت إلى جانب ذلك - الحركة اللغوية والبيانية التي تصدت لدراسة القرآن أسلوبا وألفاظا ومعان وتراكيب. وقد حظي الحديث ودراسة القرآن بالعناية، وازدهرت الدراسة الفقهية وبرز العديد من الفقهاء الائمة الكبار الذين تشددوا بوجه التيارات الغربية والدخيلة. د - العلوم العقلية بلغت حركة النقل والترجمة أوجها، وقد انكب العرب على دراسة وتمحيص ما نقلوه وترجموه فما أفاد كثيرا في الاطلاع على ما لدى الشعوب الاخرى كاليونان وغيرهم من تراث. ه - العلوم اللغوية والادبية كان عصر ابن قتيبة تتويجا لحركة لغوية قد سبقته قادها سيبويه والكسائي وغيرهما، ونشأت مدارس نبغ فيها علماء ونوابغ كان لكل منهم أسلوبه واتجاهه وقوله وتفسيره ومذهبه. فكان هذا التنوع بداية نهضة واسعة شملت جميع جوانب الادب، فظهرت مجموعة كبيرة من الكتب التي تعرض لجوانب هذه المذاهب والاتجاهات والاساليب الادبية واللغوية والنحوية. وظهر جماعة من الشعراء الفحول، حيث كان أيضا لكل شاعر من هؤلاء لونه واتجاهه الموضوعي والفني في المعاني والاساليب والالفاظ والتشبيهات. ابن قتيبة: مولده ونشأته: هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري أحد العلماء الادباء،
---
[ 12 ]
والحفاظ الاذكياء، كان إماما في اللغة والادب والاخبار وأيام الناس. وقد أخلص نفسه وفكره وعقله لدينه ولغته، وقضى حياته مجاهدا في سبيل إعزازهما والتمكين لهما. وابن قتيبة من أسرة فارسية كانت تقطن مدينة مرو، وقد ولد سنة 213 في أواخر خلافة المأمون وقد اختلفوا في مكان ولادته فقيل: ولد ببغداد، وقيل: ولد بالكوفة وقد نشأ ببغداد وتثقف على أهلها وأخذ العلم عن رجالها، وقد كانت بغداد تموج حينئذ بأعلام العلماء في كل فن وتهوى إليها أفئدة المثقفين والمتعلمين من أنحاء الدولة الاسلامية. وقد أثرت بغداد في نشأته الفكرية. وتأثر في شبابه بما كان يدور في أوساط العلماء من جدل وتناظر بين أهل السنة والمعتزلة. فأعجب بآراء المعتزلة - في مطلع شبابه - وكانت آراء المعتزلة وأفكارهم قد غلبت على الحياة الفكرية ببغداد. ثم اختير لقضاء الدينور، فأقام بها ونسب إليها وهناك اتصل بعلمائها وفقهائها ومحدثيها. ثم عاد إلى بغداد فاتصل برجال الدولة كعادة غيره من العلماء والادباء. وفي بغداد انكب ابن قتيبة على الدرس والتحصيل على علماء الحديث وأئمة اللغة والرواية وشيوخ الادب، وتتلمذ لطائفة من أعلام عصره وروى عن جمع من مشاهير دهره، وأخذ عن كثير من أعيانه وأماثله. أهم شيوخه: نذكر منهم: والده مسلم بن قتيبة، وأحمد بن سعيد اللحياني صاحب أبي عبيد، ومحمد بن سلام الجمحي، وإسحاق بن راهويه، وحرملة بن يحيى التجيبي، ويحيى بن أكثم القاضي، وأبو حاتم السجستاني، وعبد الرحمن ابن أخي الاصمعي، ودعبل بن علي الخزاعي، وإبراهيم بن سفيان الزيادي، وأسحاق بن إبراهيم بن محمد الصواف، ومحمد بن يحيى بن أبي حزم القطيعي البصري، وأبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني، وشبابة بن سوار، والعباس بن الفرح الرياشي، وأبو سهل الصفار، وأبو بكر محمد بن خالد بن خداش، وأبو
---
[ 13 ]
سعيد أحمد بن خالد الضرير، وأبو عثمان الجاحظ، وأبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد البصري. تلاميذه: ابنه القاضي أحمد، وابن درستويه الفسوي، وأبو سعيد الهيثم الشاشي، وقاسم بن أصبغ بن يوسف بن ناصح البياني، وأبو بكر المالكي، وإبراهيم بن محمد بن أيوب الصائغ، وأحمد بن حسين بن إبراهيم الدينوري. مصنفاته: صنف ابن قتيبة مجموعة كبيرة من التصانيف أجمعوا على أنها عظيمة القدر، جليلة النفع. قال النووي في تهذيب الاسماء واللغات " لابن القتيبة مصنفات كثيرة جدا رأيت فهرسها ونسيت عددها، أظنها تزيد على ستين من أنواع العلوم " وقال أبو العلاء المعري: خمسة وستين مصنفا. أهمها: 1 - كتاب الوزراء (ذكره في لسان العرب). 2 - كتاب آلة الكتاب (صاحب الاقتضاب). 3 - كتاب صناعة الكتابة. 4 - كتاب الوحش. 5 - كتاب الصيام. 6 - كتاب غريب الحديث. 7 - مشكل القرآن. 8 - كتاب معاني القرآن. 9 - كتاب القراءات. 10 - كتاب إصلاح الغلط في غريب الحديث لابي عبيد. 11 - تفسير غريب القرآن. 12 - كتاب الانوار. 13 - كتاب فضل العرب. 14 - كتاب الميسر والقداح. 15 - كتاب المعارف. 16 - كتاب إعراب القراءات. 17 - كتاب الرد على القائل بخلق القرآن. 18 - كتاب القراءة. 19 - كتاب غريب القرآن. 20 - كتاب تأويل مختلف الحديث. 21 - كتاب عيون الاخبار. 22 - كتاب أدب الكاتب. 23 - كتاب الشعر والشعراء. 24 - كتاب المسائل والاجوبة. 25 - كتاب دلائل النبوة. 26 - كتاب جامع الفقه. 27 - كتاب الفقيه. 28 - كتاب الاشربة. 29 - الرد على المشبهة. 30 - أدب الكاتب. 31 - كتاب المعاني الكبير. 32 - كتاب عيون الشعر. 33 - كتاب التقفية. 35 - كتاب جامع النحو الكبير. 36 - كتاب جامع النحو الصغير. 37 - كتاب الحكاية والمحكى. 38 - كتاب الخيل. 39 - كتاب العلم. 40 - كتاب ديوان الكتاب. 41 - كتاب فرائد الدر. 42 - كتاب خلق
---
[ 14 ]
الانسان. 43 - كتاب حكم الامثال. 44 - كتاب أداب العشرة. 45 - كتاب التفسير. 46 - كتاب معجزات النبي صلى الله عليه وسلم (ذكره أبو الطيب الحلبي في مراتب النحويين). 47 - كتاب تأويل الرؤيا. 48 - كتاب استماع الغناء بالالحان. 49 - كتاب الجوابات الحاضرة. 50 - كتاب الجراثيم. 51 - كتاب تقويم اللسان. 52 - كتاب التسوية بين العرب والعجم. 53 - كتاب القلم. 54 - تاريخ ابن قتيبة. 55 - كتاب معاني القرآن. والامامة والسياسة (رغم الشكوك في انتسابه إليه). عملنا في كتاب الامامة والسياسة: - استعرضنا نسخ الكتاب المطبوعة. واعتمدنا الاكثر ملاءمة للاصل والاقرب إلى الصحة. - دققنا - ما استطعنا بما توفر لدينا من مصادر - الروايات والنصوص وقارناها بغيرها فأضفنا ما سها عنه المؤلف لسبب أو لآخر، كلمة أو جملة أو أكثر. وثبتنا ما أضفناه في المتن بين معكوفتين [ ] مع الاشارة أحيانا إلى أن الزيادة كانت في الاصول وأحيانا إن تعذر علينا ذلك لفقدان أصل ما أو مصدر ما أو شككنا في صحة نص ما كنا نعود إلى أصول أخرى أثبتت الرواية، وقد يكون الراوي نفسه. - قارنا الروايات المختلفة وأعدنا القارئ إلى مصادرها الاساسية وعلقنا عليها وشرحنا ما التبس منها وما رأيناه ضروريا وذلك كله في الهامش. - قمنا بتخريج الآيات القرآنية الكريمة وعزوناها إلى سورها وأرقامها وانتهينا إلى تخريج الاحاديث النبوية الشريفة - ما استطعنا إلى ذلك - وضبطنا نصوصها ومصادرها. - ضبطنا كثيرا من أسماء الاعلام، وترجمنا لكثير منهم. - ضبطنا وعرفنا بأسماء الاماكن والقبائل وغيرها من معاجم البلدان: يا قوت - البكري - أبي الفداء - اليعقوبي - ابن الفقيه. - قمنا بوضع شروحات وتعليقات مسهبة على النصوص. وبعد قمنا بتنظيم فهارس شاملة وافية شملت:
---
[ 15 ]
- فهارس الاحاديث النبوية الشريفة. - فهارس الاعلام الواردة في الكتاب وأبجدتها. - فهارس القبائل والامم والبطون والعشائر. - فهارس الاماكن وأسماء البلاد والجبال والاودية. - فهارس أيام العرب ووقائعهم. - فهارس للشعر، نظمت حسب القافية. - فهارس الامثال، الواردة في الكتاب. وبعد نرجو أن نكون بعملنا هذا قد وضعنا كتاب الامامة والسياسة في مكانته التي يجب أن يحتلها، وقد أهمل طويلا. ونرجو أن نكون - بجهدنا المتواضع - قد قدمنا للقارئ الكريم وللباحث الجليل خدمة بحيث أصبح كتاب الامامة والسياسة أكثر فائدة من خلال الشروحات التي حاولنا من تثبيتها أن تكون مادته في متناول الجميع قريبة من الدقة. ونرجو أن نكون قد وفقنا في خدمة تراثنا من خلال هذا العمل. حيث أبادر إلى التأكيد أنني ألتزم متابعة بذل الجهد والعطاء، لتكون المساهمة أكثر فاعلية في تحقيق ما يصبو إليه القارئ من الوقوف على الكلمة الحقة والنشرة الصواب البعيدة عن الغموض والتزوير والخطأ والتصحيف، وذلك بما يغني ثقافته وطموحاته الفكرية والعلمية. ومع ذلك لا ندعي لانفسنا أننا وصلنا، ولكننا ندعي أننا بذلنا وقدمنا ما استطعنا. وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين. بيروت 15 / 1 / 1990 علي شيري
---
[ 16 ]
مراجع المقدمة - وفيات الاعيان - انباه الرواة - الفهرست لابن النديم - اللباب - عيون الاخبار (المقدمة) - تأويل مشكل القرآن (المقدمة) - الحجاز والدولة الاسلامية (المقدمة) د. بيضون - ابن قتيبة دراسة د. سلام - الموسى - ضحى الاسلام - تاريخ آداب اللغة العربية
---
[ 17 ]
مقدمه طه زیني بر السیاسة:
الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري، تحقيق الزيني (1/ 1)
الامامة والسياسة
ابن قتيبة الدينوري، تحقيق الزيني ج 1
---
[ 1 ]
الامامة والسياسة تأليف الامام الفقيه أبي محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري المتولد سنة 213 والمتوفى سنة 276 ه رحمه الله وهو المعروف بتاريخ الخلفاء تحقيق الدكتور طه محمد الزيني الاستاذ بالازهر الجزء الاول الناشر مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع
---
[ 2 ]
حقوق الطبع محفوظة للناشر
---
[ 3 ]
مقدمة الناشر بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد، فإن عبد الله بن مسلم بن قتيبة من العلماء المبرزين في كثير من الفنون، وله تآليف في التفسير والحديث واللغة والنحو والتاريخ، ومن أشهر كتبه وأكثرها سيرا بين الناس، وأحبها إلى قلوبهم كتابه الامامة والسياسة الذي تناول فيه تاريخ حقبة من أحفل حقب الاسلام بالتاريخ المجيد، والاحداث الجسام التي دل تصرف المسلمين فيها على عقل راجح، وقدم راسخة في السياسة وتدبير شئون الملك، والعمل على جمع الشمل، وإبعاد الفرقة عن الامة الاسلامية، مما جعل قراءة هذا الكتاب واجبا على كل من يريد معرفة تاريخ قومه من المسلمين الاولين وفيهم جلة الصحابة وخيار التابعين، وفيهم الخلفاء الراشدون، ومن بعدهم من ملوك المسلمين الذين رفعوا رايته، ووسعوا سرادقه، وعدلوا بين الناس وأنصفوا الظالم من المظلوم، وكانوا قدوة للحكام العادلين. لذلك: رأت مؤسسة الحلبي أن تعيد نشر هذا الكتاب بطريقة تشوق لقراءته، وتبسط بعض حوادثه وتوضح بعض غوامضه، ورائدها في ذلك خدمة العلم ونفع قراء العربية، وإعادتهم إلى حظيرة تاريخهم المجيد بعد أن عدلوا عنه إلى قراءة تاريخ الامم الاعجمية وتفانوا في ذلك حتى كادوا ينسون تاريخ بلادهم وعظمة خلفائهم وملوكهم، والله نسأل التوفيق والعون إنه على ما يشاء قدير، وهو نعم المولى ونعم النصير. مؤسسة الحلبي
---
[ 5 ]
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المحقق الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الامين خير الخلق أجمعين محمد بن عبد الله صاحب السيرة العطرة والتاريخ المجيد، وعلى آله وأصحابه الذين عزروه ونصروه وحملوا الامانة من بعده فقاموا عليها خير قيام وأضاءوا طرق الحياة لسالكيها بالعدل والحكمة والاستقامة، ورفعوا شأن دينهم ومعتنقيه، ودفعوا إلى المجد والعزة اتباع رسولهم ومحبيه، وكان منهم النجوم الذين يستضاء بها في ظلمات الحوالك، والملوك الذين يعاش في أكنافهم ويستظل بظلهم، والعباد الذين عرفت المساجد جنوبهم وظهورهم، وبواطن أقدامهم، والزهاد الذين كانت الدنيا لا تساوى عندهم غدوة أو روحة في سبيل الله. وبعد، فإن كتاب " الامامة والسياسة " للعالم الفاضل المؤرخ العظيم عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، من أشهر الكتب تداولا بين قراء العربية، لما حواه من تاريخ حقبة عزيزة على نفس كل مسلم حبيبة إلى قلبه جديرة بالذكر على لسانه، فيها عرف المسلمون العزة، ونعموا بالسعادة، وأقاموا صروح العدالة، وقوضوا قوائم الظلم، وطمسوا معالم الكفر، وأوقدوا مشاعل الايمان بهمة يتقاعس عن دركها الزمن، وعزيمة لا ينال منها الوهن، وقد وكلت مؤسسة الحلبي إلى تحقيق هذا الكتاب، ليخرج في ثوب قشيب يحسن عند الرائي منظره، ويطيب عند قارئه مخبره، ويحبب الناشئة في تاريخهم، ويقربهم من أيام أجدادهم، حتى يستشعروا عظمة أمتهم، وينهجوا في حياتهم تهجهم، ويبنوا كما بنوا، ويجاهدوا كما جاهدوا ولا يناموا عن إحياء تراثهم، واسترجاع ميراثهم الذي تكالبت عليه ذئاب الامم من الكفار، ومن والاهم من الذين لا يهمهم سوى الدنيا، ولا يرون إلا العاجلة، ولا ينظرون إلى الآجلة، والله من ورائهم محيط. وقد لبيت الدعوة وقمت بجهد في هذا الكتاب أعتبره قليلا، ولكنه مفيد، فجعلت لبعض الموضوعات عناوين جديدة توضحها وشرحت بعض الجمل لبيان غوامضها، وعلقت تعليقات مختصرة على بعض الاحداث التاريخية تقربها من القارئ وتقرب القارئ منها، وترجمت للمؤلف حتى يعرف الناس الرجل الذي يقرءون كتابه من هو ويلموا بنبذة من تاريخه. وأسأل الله أن يجعل الكتاب مثمرا نافعا لكل من يقرؤه، إنه نعم المولى ونعم النصير ؟ طه الزينى
---
[ 7 ]
ترجمة ابن قتيبة هو عبد الله بن مسلم بن قتيبه الدينوري أبو محمد من أئمة الادب والتاريخ والنحو وغيرهما من العلوم وهو من المصنفين المكثرين، ولد ببغداد وسكن الكوفة، ثم ولى قضاء الدينور مدة فنسب إليها، وتوفى ببغداد 276 ه سنة 889 م وكان ميلاده سنة 213 ه سنة 828 م. ومن كتبه " تأويل مختلف الحديث، وأدب الكاتب، والمعارف، وكتابي المعاني وعيون الاخبار، والشعر والشعراء، والامامة والسياسة، ويعرف بتاريخ الخلفاء وكتاب الاشربة، والرد على الشعوبية، وفضل العرب على العجم، ومشكل القرآن، والاشتقاق وغريب القرآن والمسائل والاجوبة، وغير ذلك فهو من علماء العرب الذين يشار إليهم بالبنان والذين أفادوا اللغة العربية وأهلها أيما فائدة، رحمه الله وجزاه خير الجزاء على ما قدمت يداه من خير وما حوى جنانه من علم، إنه سميع الدعاء.
---
[ 9 ]
بدون نظر